عباد الله, نفرَحُ بإقامةِ مناسباتِ الزواجِ لمَا فيها من تآلُفٍ وتواصُلٍ ولربما أنَّ البعض لا يرى صديقه أو قريبه إلا في مناسبةِ عرس, ويتأكد هذا أيضاً في حق النساء فمناسبات الأعراس فرصة لهن للتلاقي والتواصل إلا أن مما يلوث تلك المناسبات ويُسِئُ لَهَا ويشوهُ جمالها ويعكرُ أجوائها ما تلبسه بعضُ النساء فيها من ملابس خادشة للحياء فيها من التعري أكثر من السِّتر ملابس تعري أكثر مما تستر ملابس لا تلبسها المرأة إلا في غرفة نومها مع زوجها ومع هذا تلبسها أمامَ النساءِ في الأعراس بدونِ تحرجٍ أو حياءٍ أو خوفٍ من الله.
عباد الله, إنَّ اللهَ تعالى برحمته أنزلَ علينَا لِبَاسَاً يُوارِي عوراتنا ويستُرُها, وتَستُّرُنا بها من تمامِ تقوانا للهِ, قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ.. يعني عوراتِكم .. وَرِيشًا.. وهُوَ مَا يُتَجَمَّلُ بِهِ ظَاهِرًا.. وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}.
المرأةُ المتسترَةُ في مناسبات الأفراح أطاعت ربها, وحققت التقوى بتستُّرِهَا في لباسِها, وأحسنَت إلى نفسِهَا وإلى أسرتِهَا وإلى مَن دعاها, أمَّا المتبذلةُ التي تلبسُ العاري ولا تسترُ من جسدِها إلا القليل, فإنها عَصَت ربَّهَا وأساءَت إلى نفسِها وإلى مَن دعاها, وقبلَ ذلك أطاعت الشيطانَ الحريصَ على إظهارِ العَورات وإبداءِ السوءات, الذي سَعَى في إخراجِ أبينَا آدَم مِنَ الْجَنَّةِ, وَتَسَبَّبَ فِي هَتْكِ عَوْرَتِهِ بَعْدَمَا كَانَتْ مَسْتُورَةً عَنْهُ، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} الشيطانُ حريصٌ على إقناعِ المرأة بأن جمالَهَا ومستقبلَها وإعجابَ النساءِ بها مُرتَهَنٌ بما تُبديه من مفاتِنِهَا, مما تغري الناظِرَ لَهَا قَالَ تَعَالَى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} فَمَنْ أبدَت مَفَاتِنَهَا وما تسترت في لباسها, فقد انتكست فِطرتُهَا, ووقعت في فَخِّ شيطانِهَا وعرَّضَت نفسَهَا لعقابِ اللهِ, في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا, نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَا عِقَابُهُنَّ يا رسولَ الله؟ لَا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا. قَالَ العُلَمَاء: كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ يَلْبَسْنَ ثِيَابًا رِقَاقًا تَصِفُ مَا تَحْتَهَا فَهُنَّ كَاسِيَاتٌ فِي الظَّاهِرِ, عَارِيَاتٌ فِي الْحَقِيقَةِ. وإن مما يُدمي قلبَ كلِّ غيورٍ أن لا تَرَى في أسواقِ الأزياء وألبسةِ الأفراحِ إلا العاري أو الضيق أو القصير الفاضح وكلَّها لا حشمةَ معها ولا حياءَ عندَ من تلبسُهَا, ومتى رُؤِيَ العُري والتعرِّي جمالاً وذوقاً وتقدماً فقولوا على الفطرةِ والقِيَمِ والأخلاقِ السلام ألَاَ فعلموا نسائكم أن يَجتنِبن اللباسَ المنهيَّ عنه في الأعراسِ, مما يَكشِفُ العورات، ويُبرز المفاتن ويُحجّم الأعضاء كالملابس الشفافة أو الضيقة أو المفتوحة من النحر والصدر والظهر أو ما يُظهر الساقين أو نصف الفخذين, أو ثوبِ شهرةٍ, فبعضُ النساء هداهن الله تتفنن في تفصيلِ فستانٍ تحضرُ بِهِ عُرْسَاً لتشتهِرَ بِهِ, وتُلفِتَ أنظارَ النساءِ له, فهذا ثوبُ شهرةٍ مُحرَّمٌ لِبسُهُ, وتأثم من تلبسُهُ, والمسلمةُ التي رضيت بالله رباً, وبالإسلام ديناً, وبمحمدٍ r نبياً, لا تلبسُهُ أبداً, ولو أمام النساء. قَالَ النبيُّ r: مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا، أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَلْهَبَ فِيهِ نَارًا.
فاتقوا الله رحمكم الله, وَقومُوا بواجِبِكُم وجَدِّدُوا شُعورَ الغَيرةِ في قلوبكم, وانصَحُوا نسائَكُم وذكِّرُوهُنَّ أَنَّ السترَ في اللباس ليس عيباً, وأن الحشمةَ في اللباس ليس عاراً, السِترُ في اللباس فضيلةٌ ربانية, والعُريُّ في اللباس خطيئةٌ شيطانية, السترُ علاجٌ ربانيٌّ لكثيرٍ من أمراض الشهوات والعريُّ داءٌ شيطانيٌّ وسببٌ لانتشارِ الأمراضِ النفسية والأدواءِ الروحية والعينِ والحسدِ والسحر بين أوساط النساء, فاللهم استرنا ولا تفضحنا..
عباد الله, كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ, وَالرَّجُلُ منكم رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وعن زوجته وبناتِهِ, فليحرص على أن لا يخرُجْنَ من بيتِهِ إلا محتشماتٍ بلباسِ السترِ والإيمان, وأن لا ينخدعن بما يُسمَّى الموضة فإنها مكيدةٌ شيطانيةٌ يهودية, انتقلت إلى بلاد الإسلام وللأسف على أيدي مسلمين ويتسابَقُ النساءُ عليهَا بجهلٍ وَسَفَه, فحفظوهُنَّ واحموهُنَّ من ملابِسِ الفِسقِ والفِتنة. كَمَا لَاَ يَمنَع أحدَكُم حَيَاؤُهُ أن يُضَمِّنَ كرتَ دعوتِهِ أو رسالةَ جواله لحضورِ مناسبةِ الزواج يُضَمِّنَهَا سَطْرَ تذكيرٍ للنساء الحاضرات أن يَلتزِمن لباسَ السّترِ والحشمة وأن يَحذَرْن التعري الذي يُسخِطُ الله ويُجلِبُ الشياطينَ ويمحَقُ بركةَ تلك الليلة. هذا أقلَّ واجب نقومُ به, ولا حياءَ في ذلك, والناصِحُ المذكّرُ لقومِهِ ونساء قومه مأجورٌ إن شاء الله. ثُمَّ صَلُّوا على مُعلّم البشريةِ الخير والفضيلة ومُحذِّرِهِم من الفاحشة والرذيلة.. يَا رَبِّ صَلِ عَلَى المُختارِ سيدِنا مَا غنَّت الطيرُ في دَوحٍ بألحانِ
وَالآلِ والصَّحبِ ثُمّ التابعينَ لَـهُ وَاجْعَلْ مَحبتَهُم رُوحِي وَرَيْحَانِي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق